همسة تربوية
عندما تغرقنا الأحزان
بعض الناس يجاهرون بأحزانهم، وآخرون ينطوون على أنفسهم وينعزلون، فتتأثر صحتهم الجسدية والعقلية، ويصيبهم الهزال، فكم منا يترك نفسه رهينة الأحزان، خصوصاً عندما يفقد شخصاً عزيزاً عليه، فيظل يسترجع الذكريات الأليمة والمناسبات الحزينة والمواجع، فتظلم الدنيا أمامه، وتسودها العتمة، حينها يضل الطريق فيقوده ذات الطريق المظلم إلى أحزانٍ أبدية يصعب نسيانها، فالحزن هو شعور يملأ القلوب ويُشعرها بالضعف والألم، فلا أحد يشعر بمقدار هذا الحزن إلا الشخص نفسه، يتألم من الداخل ويدمع من صميم قلبه، كما يُعد الحزن أحد المشاعر السلبية التي يحس بها الإنسان خلال مرحلةٍ ما في حياته، ويأتي هذا الشعور معاكساً للفرح والبهجة، وينتج عن العديد من الأمور، ويعاني الكثيرون من مشكلة الشعور بالحزن والتعاسة التي تنغص الحياة وتمنع الإنسان من الاستمتاع بمباهجها المختلفة، ولا يعتبر الحزن صادراً عن الإنسان من تلقاء نفسه في كل الأوقات، فأحياناً يكون خارجاً عن إرادته ورغباته.
قد يكون الحزن بسبب الذكريات السيئة أو المؤلمة التي يتذكرها الإنسان ولا يستطيع تجاوزها بسهولة مهما تقدم به العمر، وهناك المواقف الصعبة والمحرجة التي يجد الإنسان نفسه فيها، والمشاكل الأسرية، كما نجد الحساسية المفرطة تجاه أفعال وأقوال الآخرين ومشاكل الأزواج التي تصل في بعض الأحيان إلى الطلاق والخوف من المستقبل المجهول وما سيحصل فيه والفقر وعدم الحصول على فرص عملٍ مناسبة والبطالة لأوقاتٍ طويلة
إذاً كيف نحمي أنفسنا من الأحزان؟ بقراءة القرآن الكريم والاستماع إليه لإراحة النفس وتهدأة الأعصاب ومرافقة الأشخاص الإيجابيين المرحين الذين يخرجون الإنسان من المزاج النكد والتفاعل مع الأهل والأصدقاء والحصول على الدعم المعنوي والنفسي وتبسيط الأمور، كذلك الخضوع لجلسات المساج والتدليك على أيدي مختصين، الأمر الذي يغير النفسية ويجدد الطاقة والحيوية بالنسبة للجسم، كذلك الذهاب للتسوق وشراء الألبسة الملونة والأغراض التي تعطي الإنسان الشعور بالفرح، وتناول الأطعمة التي تمنح الإنسان الشعور بالسعادة خصة إن كان يحبها، كما أن الإشتراك في الأنشطة وممارسة التمارين الرياضية المختلفة لها بالغ الأثر في تجاوز مرحلة الحزن بتجديد الطاقة والتخلص من الطاقة السلبية بالجسم، أو كما يقال لننظر إلى النصف المليء من الكأس لا الفارغ، والتوقف عن التشاؤم.
وفي تقديري الأحزان تتواصل كما الأفراح لطالما نحن على قيد الحياة، ولكن لنضرب أحزاننا بأفراحنا، ولنرجح كفة ذكر المناسبات الحلوة والليالي الجميلة والنظر للحياة بمنظور المتفائلين، وألا نحزن على ما مضى، فهو لن يعود، وألا نأسف على اليوم فإنه راحل، ولنحلم بشمسٍ مضيئة لغدٍ مشرق، ولكن عندما نعتاد الأحزان ونستسلم لها، فسوف تصبح جزءاً منا تلازمنا على طول الطريق في مشوار الحياة، إذاً لنحلق في سماء الصفاء لنسعد بجمال المشاعر وحلاوة الخيال الذي يقودنا إلى الإبداع والنجاح، ولنتمسك بخيوط الشمس حتى ولو كانت بعيدة بدلاً من الظلام وبدلاً من ترك قلوبنا لأشياء مضت وضاع زمانها، وهنا أتذكر مقولةً حفظتها وهي ( إذا لم تجد من يسعدك فحاول أن تسعد نفسك، وإذا لم تجد من يُضيء لك قنديلاً، فلا تبحث عن آخر أطفأه).
أحياناً يغرقنا الحزن فنعتاده، وننسى أن في الحياة أشياء كثيرة يمكن أن تسعدنا، وأن حولنا وجوهاً كثيرة يمكن أن تُضيء في ظلام أيامنا شمعة، ولنتناسى مرارة الأحزان والأيام الماضية الأليمة، لذلك لننطلق نحو الحياة بأمل وليس بيأسٍ صنعته الأيام، لنحقق أحلامنا ونعيد أياماً وردية تضيء لنا الطريق حتى ننظر أمامنا ونترك النظر إلى الوراء، ولنتذكر أن سعادة الآخرين بنا عندما ننجح، فالزمن كفيل بتحقيق نجاحنا وتحقيق أهدافنا، والزمن هو الوحيد الذي يحرك الأحداث ويصنع المعجزات، فالأحزان طعمها مر يعمل على امتصاص رحيق العمر، وإذا ما دخل في عالم أحلامنا دمرها، إذاً لنضرب بأحزاننا عرض الحائط، ولو أن هذا الأمر في غاية الصعوبة، ولكن لنحاول فسوف ننسى بمضي الزمن، فاخلق لنفسك مساحةً للتفاؤل لتعيش الجمال والروعة، فالدنيا جميلة يحسها الجميل دائماً، فكن جميلاً ترى الوجود جميلاً.
د.عبدالله إبراهيم علي أحمد
خبير المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية
us_abdo@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق