همسة تربوية :
عندما نُسيءُ الفهم ونحوره بعيداً
المرأة هي كائن عاطفي تفعل فيها الكلمة الحلوة مفعول السحر، وهذه الكلمة الصغيرة تزيل كثيراً من شوائب النفس المتكدرة، وهي تتسم بالرقة وحسن التعامل ومرونة الحوار، غير أن البعض من الناس يفهم فهماً خاطئاً حين يتعامل معها فيظلمها ويسيء الظن بها، فعندما نقابلها لأول مره قد يرسخ في أذهاننا انطباع معين عنها، فنستلطفها أو لا نستلطفها، وغالباً ما تكون هي الأخرى تحس بنفس الشعور، وسبحان الله إذا كنت تكره شخصاً معيناً، فغالباً ما يكون هو الآخر يكرهك، والعكس صحيح، إذا أحببت شخصاً أو استلطفته، فغالباً ما تجده كذلك.
فقد يكون عدم الارتياح لشخصٍ ما بسبب شكله، أو أسلوب تعامله، أو طريقة كلامه، ولكن في نفس الوقت قد يكون ذات الشخص من أطيب الناس وأكرمهم، إذ تتوفر فيه كل الأشياء الجميلة، وكل الإمكانيات التي تؤهله لأن يكون شخصاً رائعاً نحبه كثيراً، وبسبب انطباعنا عنه تغيرت نظرتنا بأن هذا الشخص لا يصلح بأن نتعامل معه، أو أن يكون صديقاً أو رفيقاً على طول الطريق.
إذاً الانطباع الأول يكون من أول نظرة، وهي حاسة يحسها الشخص تجاه شخصٍ آخر، قد تكون النظرة صائبة، وقد تكون غير ذلك، ولكن يجب أن نضع في حسباننا أن النظرة الأولى والانطباع الأول ليس بالكفاية بأن نحكم على الآخرين ونتخذ القرار النهائي فيه، بل يجب التعامل معه أولاً، وإعطائه الفرصة الكافية، بعد أن نقترب منه، ونتأكد من ذلك جيداً، حينها يمكننا الحكم عليه بأنه شخصٌ جيد أو غير ذلك.
هذا الكلام يقودني إلى أن بعض الرجال يسيء تفسير التصرف اللطيف عند النساء، مثل الابتسامة البسيطة، فبعض الشباب يجد صعوبة في التفريق بين المرأة التي تتصرف بلطف والمرأة التي تسعى وراء شيء آخر. وما اذا بدر أي شيء من الفتاة من ابتسامة أو تصرف لطيف أو تعامل راق بحسن نية يحسبه البعض بأنه بادرة أمل لإنشاء علاقة، إذن الخيط الرفيع الذي يحسبه الشخص أنه نور على حسب تفكيره وكبصيص أمل في تحقيق هدفٍ ما، يمكننا أن نسميه خيط الأمل: (A thread of hope)، فيظل الشاب يركض وراء الفتاة ويتودد إليها ويلاحقها بالنظرات ويهتم بلقائها مهما كلف ذلك، هذه الأفكار تكون عند بعض الشباب، فمتى ما بدر من الفتاة من شيء لطيف، يُسيء الفهم ويخطئ الظن فيبدأ يفكر في أشياء أخرى بعيدة في الأساس عن أفكار هذه الفتاة.
عموماً العلاقة العاطفية بين الرجل والمرأة تتميز بعدم الوضوح، فالنساء عموماً يحببنَ الغموض ويصعب عليهنَ ان يوضحنَ ما يردن حقاً، وحتى عندما يكون الرجل معجباً بالمرأة يبقى في بعض الأحيان متردداً في مصارحتها خوفاً من أن تصده أو تحرجه، فالمرأة تلجأ إلى استعمال الكثير من المؤشرات لتقول ما تريد وتعبر عن أحاسيسها، وعلى العموم الإشارات والإيماءات والابتسامات للمرأة تختلف، ولكن يجب ألا نسيء الفهم ونحوره بعيداً عن المعنى المطلوب، وللأسف الانطباع الأول لا ينتهي بسهولة بل يظل عالقاً إلى حين، وقد نأخذ انطباعاً عن شخصية بأنها شخصية عدوانية غير أنها ودودة، فيقع الظلم بالحكم الخاطئ الذي أصدرناه بسوء الظن، وهنا تحضرني قصة رجلٍ أحس بأن عاملاً فقيراً يمشي خلفه ويناديه، فقال الرجل في نفسه:
(هؤلاء الشحاذون دائماً يلاحقوننا ليطلبوا مزيداً من المال)، فقال العامل الفقير للرجل: عفواً سيدي خذ محفظتك لقد سقطت منك، فلنحسن الظن بالآخرين.
د. عبدالله إبراهيم علي أحمد
خبير المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية
us_abdo@hotmail.com