همسة تربوية
عندما لا نخاف هموم الحياة
تمر بالإنسان همومٌ ومتاعبٌ تشغله كثيراً، وما خفنا من مشكلة أو مصيبة إلا حصلت لنا، كأن يخاف الطالبٌ من الإمتحان مثلاً فيرسب وكأنه يحس بذلك، أو بخوفنا من خوض تجربة معينة فنفشل فيها نتيجة التفكير السلبي، فالعبرة ليست في ألا نخاف، بل هي في ألا نعمل للخوف، فالبعض ربما يميل إلى اللجوء للخوف وهو ميل طبيعي، ولكننا في كثير من الأحيان، نحن الذين نصنع المخاوف ونقاوم الشجاعة في نفوسنا، فخوفنا غالباً هو ثمرة لأفكارنا وفشلنا، فمن منا لا تنتابه مشاعر الخوف والقلق؟ ومن منا لم يواجه شعور الخوف من موقف معين أو عدم الرغبة في المواجهة؟فالخوف حالة نفسية يمر بها الإنسان وهو تفضيل الشعور بالضعف والهزيمة، فالبعض يستسلم ويتجنب عدم المحاولة، فلقد قسم العلماء عامل الخوف إلى قسمين، خوف منطقي مثل الخوف الذي ينشأ عن مواقف تهدد الإنسان بأخطار حقيقية مثل الخوف من الحيوانات المفترسة، وخوف غير منطقي وهو الذي ينشأ عن مواقف لا تهدد الإنسان بأخطار حقيقية كالخوف من المجتمع وغيره، وحتى نجتاز مراحل الخوف علينا السيطرة على أفكارنا السلبية والتي غالباً ما لم تكن صحيحة، أما الخوف المرضي أو الفوبيا، فهذا يحتاج إلى علاج نفسي ومتابعة دورية، وهناك الخوف من الموت أو الخوف من بداية علاقة جديدة أو الخوف من مقابلة لوظيفة والخوف من المستقبل أو الخوف من الفشل، والخوف من الحياة في حد ذاتها، هذه كلها عادية في حياتنا وتختلف من إنسان إلى آخر باختلاف التعامل معها، وقد يقف الخوف عائقاً أمام تطورنا في الحياة العملية، وكلها عبارة عن أصوات داخلية تتحدث مع أنفسنا وتزعجنا، فالحذر شعور ايجابي بينما الخوف يرتبط بالمشاعر السلبية، فيجب ألا نترك الخوف يسيطر علينا مهما كان، بل نفكر بإيجابية لنقتحم المستقبل بنجاح.
وتحضرني هنا قصة حصان لأحد المزارعين، وقع في بئر جافة من المياه، بدأ الحصان بالصهيل واستمر لساعات طويلة، كان المزارع لا يريد أن يخرجه لأنه عجوز وأراد أن يتخلص منه ويستبدله بواحد غيره، نادى المزارع جيرانه لمساعدته في ردم البئر، وفعلاً بدأ الجميع باستخدام المجارف والمعاول لجمع التراب تمهيداً لإلقائه في البئر، حينها أدرك الحصان الوضع، وبدأ الجيران بردم البئر، وفجأة سكت الحصان عن صهيله، استغرب الجميع واقتربوا من حافة البئر لمعرفة سبب سكوت الحصان، لكنهم وجدوا أن الحصان كلما نزل عليه التراب، هز ظهره فيسقط التراب عنه ثم يقف عليه وهكذا، كلما أسقطوا عليه التراب نفضه عن ظهره واعتلاه، ومع الوقت استمر الناس في عملهم والحصان بالصعود، وأخيراً قفز الحصان إلى خارج البئر، كذلك الحياة، تلقي بأثقالها وأوجاعها عليك، وكلما حاولت أن تنسى همومك فلن تنساك، وكل مشكلة تواجهك تلقي بهمومها عليك، فيجب أن ننفض هذه المشاكل عن ظهورنا حتى نتغلب عليها كما نفضها الحصان، انفضها جانباً وقف عليها، واستمر بذلك لتجد نفسك يوماً في القمة، لا تتوقف ولا تستسلم أبداً مهما شعرت أن الأخرين يريدون دفنك حياً، فلنتخذها قاعدة، لن يشعر أحد بما نشعر به حتى لو أمضيت ساعات تشرح لهم شعورك وما تمر به، فهم لم يلمسوا قرارة قلبك، ولم تصلهم حرارة دموعك، فلنلتزم الصمت فهو أفضل، ولنكف عن مناجاة الآخرين فالله وحده أحق بأن نناجيه ونبث له شكوانا.
د.عبدالله إبراهيم علي أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق